صرنا نضع بعض الفنانين في أعلى المراتب و نعطيهم أكثر مما يستحقون و نحن نعرف أن الكثير منهم يعبثون بالفن, لا كلمات جيدة و لا تعبير و لا تأثير, و نهمل بشدة الأطباء و الممرضين و الممرضات و أناسا أخرى تسهر على حب الوطن و تضحي بنفسها من أجله, فكانت الجائحة و توضحت الرؤيا و يجب إعطاء كل ذي حق حقه.
التقييم الجائر
نحن لسنا ضد الفنانين, نحن ضد العبث الحاصل في تقييم الوظائف و عدم الاهتمام بالضروريات أولا. قد بدا في حياتنا جليا الاهتمام بالكماليات و إهمال ما يفيد المجتمع بشكل ظاهر و مباشر و حبذا لو كان الاهتمام بالفن أيضا و لكن ليس بالساقط منه الذي يدر الأموال الطائلة و أضراره على المجتمع كثيرة و هائلة.
الاعتراف بالحق فضيلة
ظهرت كورونا و قد ظهر معها الحق و صار يركم الباطل بشدة, و ظهر الأبطال الحقيقيون من أطباء و ممرضين و ممرضات و شرطة و جيش و رجال الدرك و رجال الدين و... و الكل من حماة الوطن ينقذون الناس و يضحون بأرواحهم و يسهرون على راحتنا رغم بعدهم عن عائلاتهم, و لا زالوا يعملون رغم استهتار أصحاب العقول الجاهلة بالمرض, إنهم يعانقون الجحيم من أجلنا و منا من يعانق العبث و الفساد, إنهم يقابلون الخطر يوميا و نحن نعلم أن الإنسان خلق هلوعا و رغم هذا يتشجعون و يعملون على شفاء المرضى و الآخرون يراقبون المستهترين لينقضوا عليهم و يعاقبوهم على أفعالهم الدنيئة .
حان الوقت
لقد حان الوقت
لإعطاء كل ذي حق حقه و لمحاربة ظلام الجهل و نشر الثقافة و بث الوعي و للخروج من
ظلمات قرون التي لا زالت تعشش في عقولنا مع الوهن الشنيع و الفظيع. كيف يعقل أن
نترك الأطباء و الممرضين و الممرضات لمصير مادي يعلوه الفقر؟ هل هؤلاء إن افتقروا
و صارت تستعصي عليهم لقمة العيش سيداوون أحدا؟ يظهر لي أن فيهم من سيتمنى نزع
الحياة للمرضى بفعل انتقامي لا إرادي, و هل سيفكر أحد من حماة الوطن الآخرون
بحمايته بعد الحاجة و الفقر المدقع؟ يجب الاهتمام بالحالة المادية و المعنوية
لهؤلاء لأننا لا نجد غيرهم يقفون إلى جانبنا و يساندوننا في أيام حزننا و همنا و غمنا و محنتنا,
هم الأبطال الحقيقيون و بدون منازع, و إن عاد الكثير من الفنانين بنضال و تركوا
العبث و الخبث فسنضيف من كانوا يعبثون بالفن لقائمة حماة الوطن, و أنا دائما لا
أعمم كلامي فهناك فنانون لا زالوا يناضلون بفنهم الراقي و لكن يعدون على رؤوس
الأصابع.
الأمراض و الفقر و الجهل و حماة الوطن
عندما تجتمع الأمراض مع الفقر و الجهل و تنخر في أعماق أمة فلتودع هذه الحياة, كيف سيعيش الإنسان و هو مريض و فقير و جاهل؟ إنه وسط الجحيم بجسد ينخره المرض و نفس سجينة للفقر و الحاجة و أيضا لظلام من الجهل, في هذه الأحوال يظهر إحسان حماة الوطن الذي لا يرتضي لنفس أن تغرق في بحور الحياة القاسية و لا أن ترمى في جب الدنيا الفانية المخادعة. فنحن نحتاج هذا الإحسان في هذه المناسبات التي تهد الأجساد و تبكي الأرض و السماء, في و قت النهاية و الدمار يظهر بصيص من نور و أيادي لم نهتم بها من قبل و كنا نفضل أيادي من يستخف بعقولنا و يضحك على قلوبنا.
إذا اشتدت الأزمات و علت أمواج الجوائح فاعلم بأن هذا ابتلاء عظيم من رب العالمين, و كما لأي شيء بداية فله نهاية حتمية, و تبقى يد الإحسان من أرقى الأيادي التي تساعد الناس بإذن الرحمان و هذه الأيادي الفاضلة لحماة الوطن.