في عالم صار كل شيء فيه نسبيا و قد تغيرت فيه أشياء كثيرة كانت في الماضي تثير اهتمامنا بات الإنسان لا يفرق بين الحق و الباطل و الظالم و المظلوم في عالم يمكن أن يزيف البشر فيه كل شيء و يصادق الشيطان.
النفس و الشيطان
خلقنا الله بنفس تحمل فجورها و تقواها و في أغلب الأحيان تطيع فجورها و تنسف تقواها. يظهر لنا في الأرض التي نعيش فوق سطحها الأشياء المادية الملموسة و لكننا لا نعي بالأشياء الأخرى الغير المرئية و التي لا يمكن للعلم أن يكشف ذاتها كما اكتشف الفيروسات. فالله سبحانه و تعالى عبر الدين قد أخبرنا عن وجود مخلوقات مثل الجن التي ترانا و نحن لا نراها و عن المخلوق الجني عدو البشرية إبليس الشيطان الرجيم. فعندما يلتقي الشيطان بنفوسنا الأمارة بالسوء يبث فيها كل الشرور لتختار منها فندوس بذلك على بعضنا البعض و يظهر بيننا الظالم و المظلوم.
صعوبة التفريق بين الظالم و المظلوم
كان الله سبحانه و تعالى يبعث للبشرية رسلا و أنبياء و أولياء صالحين يفرقون بين الحق و الباطل و الظالم و المظلوم. و الآن إذا حكمنا مثلا في قضية اعتداء فالبعض منا سينعت المعتدي بالظالم و البعض الآخر سينعته بالمظلوم و نفس الشيء بالنسبة للمعتدى عليه و ستختلف الآراء و ستتضارب وجهات النظر و لا حياة لمن تنادي. قد بات الحق باطلا في أغلب الأحيان و الباطل حقا.
الظلم قدر أم فعل إنساني
إذا كان الظلم قدرا فلماذا سيعاقب الله الإنسان يوم القيامة؟ إن الظلم عمل من أعمال البشر له ألوان و أشكال أحيانا يمكن ان نفرق بين الظالم و المظلوم و في أغلب الأحيان يطمس معالمه الشيطان فيعمى القلب و العقل عن إعطاء الحقوق لأن الحق قد أحيط بالباطل في ضباب و سراب و اضطراب, فالإنسان قد خان التربية و القراءة فصار الوعي شريدا وسط ظلام من الجهل, و صار الضمير عبدا للمال و المظهر, و لكي تفرق بين الظالم و المظلوم يجب أن تتوفر على نور في أعماقك هبة من الله لتتوضح لديك الرؤيا ولا يطمس عقلك و قلبك الشيطان الرجيم و نفسك الأمارة بالسوء.
الظلم في عالم التزييف
دائما نتحدث عن الظلم و نثور ضده فهل هو موجود؟ و إذا كان موجودا فهل لنا العلم الكافي لمعرفة عوالمه. فمثلا إذا أتتك امرأة تشتكي من زوجها هل ستعرف من الظالم فيهما و من المظلوم؟ حتى إذا حكى لك كل واحد منهم القصة فمن حينها ستصدق الزوجة أم الزوج؟ بهذا فالحكم يجب أن تصاحبه أدلة و ما مدى صحة الأدلة؟ و هل هي حقيقية ام مزيفة؟ إننا في عالم التزييف و التزوير لمصالح بشرية التي تخضع لأنانية عظمى.
صراع الحق و الباطل
يظل الظلم مكتسحا العالم منذ الأزل و صراع الحق و الباطل مسموعا يرج القلوب و العقول و يظل الابتلاء قائما و في هذا الصدد نصيب قليلا و نخيب كثيرا و كم من أحد اعتبرناه ظالما و برأه الخالق عبر الزمن و كم من أحد اعتبرناه مظلوما فخدعنا و تبين من بعد أنه أكبر ظالم في العالم. فعقولنا لا تقرأ كل شيء و لا تستوعب كل شيء. فهناك حدود للمعرفة و الاطلاع على النفوس و قراءة الأعماق لا يهبها الخالق لأي أحد.