من منا يحب المرض؟ إنه الضيف الغير المرغوب فيه الذي يعذب النفس البشرية جسدا و روحا و يمكن أن يؤدي إلى الموت إن كان قويا. المرض يظهر ضعف الإنسان ويذله و يزعزع الشخصية الأنانية و العنيدة التي تتضمنها نفسه.
هل المرض نعمة أم نقمة؟
يمكن للبعض أن يعتبر المرض نعمة لأن بسببه يغفر الله الذنوب و يرفع الصابر عليه درجات ويمكن للبعض أن يعتبره نقمة لأنه يسجن الجسد في ضيق عظيم و يحبس الأنفاس و يسبب الحزن و القلق و يمنع اللذة والمتعة والانطلاق و الحرية عن الإنسان. الفكرة التي يمكن أن نجتمع عليها هي أن المرض مربي عظيم للنفس البشرية.
المرض و النفس البشرية
النفس البشرية بفجورها و تقواها تتطلع إلى عيش كريم تكتسب فيه راحة و تتخيل جنات على الأرض في هذه الدنيا أو جنات في الآخرة و لا يخطر ببالها مرضا معذبا مهينا و مذلا لها. عندما تحس بتسرب المرض و سيطرته على الجسد أو على الأعماق تصاب بخلل في توازنها و بهلع لا حدود له و يبدأ خيالها يتصور مصيرا مرعبا و موتا محتما. يبقى المرض ضيفا يقض المضاجع و يفترس النوم و يعدم الراحة و إذا كان يحمل اسم القاتل فإنه يعلن على نهاية لا فرار منها.
أسباب المرض
إذا قلنا إن المرض قدر و قضاء مثل الموت فإننا سنسقط دور الإنسان في كونه السبب الرئيسي في خلقه بواسطة عبثه و عدم مراعاته لصحته و التدمير الشعوري و اللاشعوري لذاته فأسباب المرض تتعدد و يصعب تحديدها و لو مثلا عرفنا أن مصابا بداء السرطان كان يدخن كثيرا و جزمنا أنه هو السبب الرئيسي لما حدث له من مكروه و مصيبة فتبقى نسبة خطأ قرارنا و حكمنا عليه كبيرة لأن الله سبحانه و تعالى هو الذي يعرف الأسباب كلها و يجب علينا فقط عند إصابة أحدنا بالمرض أن نساعده و نقف إلى جانبه دون منّ أو محاسبته و الشيء الوحيد الذي يمكننا أن نفعله اتجاهه هو النصيحة.
يبقى المرض حدثا مرعبا يخلق في النفس البشرية أحاسيسا مروعة يبعثر الذات و يغرق الحياة في جحيم و العقل في ظلام أفكار مبعثرة و الطريقة الوحيدة لإيقاف هذه البعثرة النفسية و الجسدية هي الصبر و تقبل المرض كان قدرا أو خطأ أتى إثر تعاملنا مع ذاتنا في هذه الحياة التي تلبسنا الأفراح يوما و تغطينا بالأحزان أياما و يظل الكلام كلاما لأن في مواجهتنا للمرض أغلبنا يصاب بالخوف الشديد.