التأليه ظاهرة مرت عبر التاريخ في الثقافات القديمة كالمصرية و اليونانية حيث خلقت أساطير لأنصاف الآلهة و هم فقط من البشر و الآن التأليه صرنا نراه خاصة في الأوساط الفنية حيث إن الفنان يصير معبودا لدى الجماهير.
المراهقة و الفن
في العصر الحديث سطع نجم بعض المغنين و الممثلين من بينهم جيمس دين و إيلفيس بريسلي و بيتيلس و بي تي أس... و كان التعامل مع هذه النجوم باعتبارهم أنصاف آلهة بعشق شديد فالنظر إليهم من طرف بعض المراهقين و المراهقات يسبب انبهارا شديدا و حالة هستيرية فالكل يقلد حركاتهم و كلامهم و أفعالهم و لو كانت غير لائقة فمن يعجب بهم يدخل في دائرة عشق إلاه بشري و نشوة عارمة كما لو كان يتعاطى لمخدر ذي تأثير عظيم و يمكننا أن نقول إن الفن معبود و خاصة في سن المراهقة.
المراهقة و سحر الفن
يمكن أن نقول بأن المعجب بهذا النوع من الفنانين الذين لهم تاثير كبير على القلوب و العقول يصبح مسحورا بفنانه المفضل و خاصة في سن المراهقة يتسرب لدمائه فيسكنها كلما رآه ينقبض انقباضا لا مثيل له.يذهب هذا المعجب ليتفرج في السينما أو في مهرجان غنائي و لا يهمه هل سيختنق و أو تحصل فوضى فيعود معاقا من أجل فنانه المفضل لا يعبأ حتى بالموت.إنه مسحور مربوط ملجم حيث العشق و الانبهار و الإعجاب يتحكمون في غدده و هرموناته فيصير عبدا ذليلا لهذا الفنان المعبود.
الفن و النفس البشرية
مع ظهور فرويد و الأفكار الجديدة في علم النفس الحديث كان لا بد أن يصير الفن رمزا للحريات و الانطلاق في الحياة بدون قيود فالنفس البشرية هي كتلة من تعقيدات و عقد عندما تلتهمها الاضطرابات و الأمراض فهي تبحث عن مخرج و يمكن أن تظنه هو الفن أو شيء آخر فتلك الحالة التي تتعلق فيها بفنان ينسيها في ألمها و عذابها عبر تلك النشوة حيث تسبح في خيالها و تخلق عالما آخر تتناسى فيه الاضطرابات و تنطلق حرة بدون قيود و في معظم الأحيان تعتقد هذه النفس أن الدين قيد عظيم و أن الفن منقذها وهذا خطأ كبير.
الفن و تغيير المفاهيم
لم يصِر الفن ذو قيمة كبيرة لدى الكثير من الناس و لديه أهمية في حياتهم سوى في العصر الحديث و لكن التعامل مع الفنانين بالشكل الذي ذكرناه أي بعشق جنوني و انبهار بأنصاف الآلهة ليس شيئا محمودا و لهذا يجب تربية الذوق تربية سليمة و على الفنانين أن يبعدوا الفن عن شبهات و أن لا يلزم الأماكن التي تضم الفساد ضما فالتجمع يكون في الكباريهات و المقاهي التي تستهدف التعارف و الثقافة و ليس التدخين و الشرب أي الهوى و إضاعة الوقت هكذا سنرى معجبين سليمي العقل لا يعبدون الفنان بل يحبون أعماله الجيدة.
يبقى الفن مبهرا و ساحرا و له جمال أخاذ و لكن تأليه المعجبين لفنانيهم المفضلين لا يرضاه الدين و العقل.يجب إعادة النظر في تقديم الفن و التعامل مع فنانيه و هذا دور يشترك فيه الفنانون و المعجبون بهم و وسائل الإعلام لكي لا يظل مسيطرا علينا الإبهار فيسقطنا في تأليه الفنانين و الإفراط في حبهم و ترك الواجب الديني و إهماله.التعلق بالأوهام كان و لا زال شيئا لا مفر منه في حياة تعج بالمظاهر و تتغطى بالمادة في كل زمان و مكان .