الدواء لا يعالج فقط بل قد يكون سببا في الوفاة بين الشيوخ أكثر من الأمراض
هذه الحالات، و غيرها كثير، تنبئ عن أن الدواء عامة يؤدي أحيانا إلى عكس ما ينتظره الإنسان منه، بل يؤدي إلى مضاعفات قد تصل حتى الوفاة، خاصة إذا كان هذا الإنسان متقدما في السن، أو شيخا، و قدمت له مجموعة من الأدوية، خمسة أو ستة أو سبعة أو أكثر ليتناولها باستمرار طوال السنين أو الشهور التي بقيت أمامه، و في أكثر الأحيان بدون مراقبة، ففي هذه الحالة غالبا ما يصل الإنسان إلى المستعجلات إذا لم تدركه الموت قبل، فالإحصائيات التي أجريت في مختلف المراكز الصحية العالمية وصلت إلى أن عددا هائلا من زائري المستعجلات من المسنين هم ضحية "العلاج" الذي قدم لهم، هم ضحية الأدوية...
حالة مريض مسن وصل إلى المستعجلات بسبب الأدوية
و أنا منغمر في فحص مريض دخل على الممرض مضطربا و هو يرجو أن نترك هذا المريض الذي بين يدي لنسعف آخر في حالة سيئة... تركت هذا المريض فوق طاولة الفحص و أسرعت لمراقبة و إسعاف المريض الجديد... أمامي مجموعة من النساء و الرجال يمسكون برجل و يمكنونه من البقاء على قدميه لإدخاله إلى قاعة الفحص... رجل في عمر الستين أو أكثر بعض الشيء، يسمع تنفسه و سعاله من بعيد، يكاد لا يشعر بما يجري حوله، مزرق لونه و متورم، أطرافه السفلى متورمة بشكل واضح...
أخذ كل من حوله يترجى الطبيب أن يسعفه... و ما أن وضعوه فوق طاولة الفحص حتى ازداد تنفسه صعوبة فكان من اللازم إعادة وضعه جالسا حتى يتمكن من استعادة تنفسه... و جرى الفحص، و أعطت نتائج الفحص السريري أنه مصاب بقصور دوراني تنفسي يحتاج إلى علاج بالمستشفى تحت المراقبة...
و ما أن أعلن الطبيب عن عزمه إرسال المريض للمستشفى بسرعة ليتلقى علاجه المستعجل و يكون تحت المراقبة المستمرة حتى فتح المريض عينيه و بجهد أخرج مجموعة من الأوراق المسلمة من المستشفى و قدم آخر ما تسلمه ذلك اليوم و به: متابعة العلاج المقدم منذ سنين و عدد الأدوية ثمانية و العودة إلى المستشفى للمراقبة بعد ثلاثة أشهر... التوقيع و ترجى الطبيب هو و من حوله أن يسعفه و يستمر في مراقبته و علاجه بالبيت !!!
قصة طبيب مسن وكيف أثرت الأدوية على وضعه الصحي
كان طبيبا موفقا، هادئا، قلما تسمع صوته خاصة أثناء عمله، ظل ينتقل بين بيته و عمله في المستشفى طيلة سنين، لم يقرر كغيره من الأطباء مغادرة المستشفى إلى القطاع الخاص فهنا و هناك فقط يمكنك أن توفر أكثر، و لكن هو قال؛ إن ما يحصل عليه من عمله بالمستشفى كاف لحياته و حياة و رغبات أسرته، ثم إنه سيتوفر على تقاعد مريح...
بلغ سن التقاعد فغادر المستشفى إلى "التقاعد" لم يرد أن يعمل فغادر بيته في دائرة اختصاصه في القطاع الخاص، و غادر أبناؤه فغادر بيته الكبير "الفيلا" إلى شقة في عمارة... و بلغ هذه السن و هو يتمتع كما كان يقول بصحة كاملة لم تضايقه في حياته حتى حالة من حالات "الكريب" التي كان يتردد عليه بها عدة زبناء أثناء عمله، و لم تمر إلا بضع سنوات حتى بدأ يشعر بألم في الظهر و صعوبة في الوقوف و حتى المشي الشيء الذي لم يعره اهتماما كبيرا، فهو كطبيب سرعان ما يبعده بمهدئات و مضادات الألم.
